إن الديانة البوذية هي إحد اكبر الديانات في العالم واكثرها انتشارا من ناحية عدد أتباعها وتوزيعهم الجغرافي وتأثيرهم الثقافي والإجتماعي. مع ان البوذية اصلها من الشرق الاقصى إلا أن تأثيرها وإنتشارها آخذ في الإزدياد في العالم الغربي ودول اوروبا. ان هذه الديانة تشترك مع الديانة الهندوسية في الإيمان بالكارما (أخلاقيات السبب والنتيجة)، والمايا (طبيعة العالم الغير واقعية)، والسامسارا (دورة الحياة وإعادة الحياة). البوذيون يؤمنون بأن الهدف الأسمى في حياة كل شخص هو الوصول الى “التنوير”.
بوذا – مؤسس الديانة البودية
مؤسس الديانة البودية هو غوتاما بوذا واسمه الحقيقي هو “الأمير سيدهارثا جواتاما”، ولد بوذا قبل الميلاد بـ 567 سنة في جبال الهمالايا ، أبوه قائد عسكري في العشيرة الشاكية. عاش “بوذا” في القصر معزولا عن العالم الخارجي ، تربي على يد البراهمة ، وتعلم منهم الرماية والسباحة ، كما وتعلم الرقص مع الفتيات. بعد وصول بوذا الى سن البلوغ والرشد تزوج من “جوبا” ، فأنجب معها طفلا وعاش حياتهما كما شاء . لكن كل هذا لم يقنع بوذا ، فقرر الخروج الى خارج القصر فرأى العالم غريبا ، وعند عودته مر بجانب أحد الزهاد ، يرتدي عباءة وبيده وعاء خاليا.
ومن هنا قرر بوذا أن يغادر القصر ، ويبحث عن اجابات لكل التساؤلات التي تسبب في معاناته بعدها اتيجه الي غابة قريبة اليه ، فقام بقص شعره ، وغير ملابسه الثرية بملابس الفقير الرديء.
رحلة بوذا نحو التحرر
بعد مغادرته للقصر ، انضم الى مجموعة من الهنود الذين تركوا مجتمعهم من اجل الحرية ، فتعلم ، وناظر وناقش العديد من الملحدين والمثاليين والجدليين ،في تلك الغابة ، واﻷسواق القريبة المزدحمة بالناس ،التي كانت مليئة باﻵف النقاشات واﻵراء المختلفة
وبعد مرور أكثر من سبع سنوات ، جلس “بوذا” في أحد اﻷيام تحت ظل أحد اﻷشجار وحيدا ، يفكر في كل ما تعلمه من جميع المعلمين ….
جلس هناك كما كان في يومه اﻷول ، وفي اليوم السادس استيقظ في الصباح الباكر على نجمة في السماء ، ليجد ظالته فيها ، ويعرف المعنى الحقيقي للسعادة ، الذي يجري في قلوب الجميع
فقال : ”هذا التنوير الذي أبحث عنه تحديداً موجود في طبيعة كل كائنٍ حي، ومع ذلك جميعهم غير سعداء لعدم وجوده!“
بعد هذه المقولة ، استيقظ من غفلته و تمتع بالحرية والطمأنينة الذاتية، بالبداية لم يرغب بوذا في الحديث عن استنتاجاته في البحث عن الحرية.
ما الذي إكتشفه بوذا؟
احد اهم الاشياء التي توصل اليها بوذا هي الإستنارة التي تكون في “الطريق الوسط”، اي انه على الانسان عدم الانغماس في ملذات الحياة والرفاهية كما انه ليس عليه تعذيب النفس كما انه اكتشف ايضا ما عرف فيما بعد بـ “الحقائق الأربعة النبيلة”:
- الحياة معاناة (دوكا).
- المعاناة تأتي من الرغبات (تانها، أو “التعلق”).
- يمكن أن ينهي الإنسان كل معاناة بالتخلي عن كل ما يتعلق به.
- هذا يتحقق باتباع الطريق الثماني النبيل.
يتكون “الطريق الثماني” من أن يكون لدى الشخص:
- نظرة صحيحة.
- نية صحيحة.
- كلام صحيح.
- أعمال صحيحة.
- معيشة صحيحة (الرهبنة).
- المجهود الصحيح (توجيه الطاقة بطريقة صحيحة).
- التفكير بطريقة صحيحة (التأمل).
- التركيز الصحيح.
وقد تم تجميع تعاليم بوذا الى ما يسمى التريبيتاكا أو “السلال الثلاثة”.
وفاة بوذا
تُوفي بوذا في مدينةِ كوشينجار الهندية، في عمر الثمانين، بعد أكله لوجبةٍ من اللحم أو الفطر، هلع بعض الرهبان لاقتراب موته، ولكن بوذا، المستلقي على جانبه، واضعاً رأسه على راحةِ يده اليمنى، ذكرهم بأن كل شيءٍ زائل لا محالة. واخر ما قاله بوذا هو ”الآن أيها الرهبان، أخاطبكم هنا وأقول لكم، كل شيءٍ حتماً زائل، فاعملوا بجد“.
من اقوال بوذا
ملاحظة : بعض هذه الأقوال ماخوذة من كتاب “هكذا تكلم بوذا”.
- ابحث عن الحقيقة ولا تبال بطول المسالك فكلما رمت أفقاً وجدت آفاقاً.
- ابحث في كل مكان إلا الوديان، التي يعيش فيها سواد الناس وتوافه البشر من لهم خبث الثعلب وغباء الحمار وبلادة الدب ودهاء الحية.
- إن مهمتنا في هذا الوجود هي البحث عن الحقيقة.
- إن صعاليك البشر الذين لا يكفون عن الثرثرة بتوافه الأحاديث التي تمجد العبودية.
- لندرك الحقيقة يجب أن نترفع عن مسارح الحياة التافهة التي تجرفنا بتياراتها السخيفة.
- عندما نطوف بين الناس سندرك تباين أفكارهم وآرائهم وعاداتهم وسندرك أن الخير و الشر نسبيان والقيم الأخلاقية ليست ثابتة فما يحلله قوم يحرمه قوم آخر وستدرك سذاجة عقيدتهم وعقليتهم وستسفه تعليماتهم ووصاياهم التي ابتدعوها لأنفسهم وادعوا أنها من وحي السماء.
- الكهنة والشيوخ وزعماء الدين بمختلف تسمياتهم هم أعداء الحقيقة وسلاحهم الوحيد هو اتهام الباحثين عن الحرية بالزندقة.
- في المعابد بأنواعها تزرع بذور الكذب والرياء وفيها تسقى شجرة العبودية لتنمو وتزدهر.
- لعبد الحقيقي هو من اتخذ أعداء الحقيقة أولياء له ومعلمين لأنه عما قريب سيصبح كلبهم الأمين.
- إن الحرية أنواع وأولها التحرر من الأباطيل والأكاذيب البالية وأوسطها أن تصبح مقادير أنفسنا بأيدينا وآخرها أن نكون الإله نفسه.
- إن المرء لا يقاس بضخامة جسمه بل بنضج عقله.
- العاطفة لا ترغب أبدا بمعرفة الحقيقة.
- إن الجبناء يقولون إن الحياة تافهة مليئة بالآلام فدعونا نهرب منها إلى الأحلام التي ابتدعوها لأنفسهم عن الحياة الثانية الخالدة.
- الحكمة هي عصارة عقول الحكماء والشك هو نقطة الانطلاق في رحلة البحث عن الحقيقة.
